الاستماع
سر الجوهرة
عاشَ أيمنُ وهيثم صديقينِ حميمينِ، لا يفترقان، لا يُذكر أحدهما إلا ويُذكر الآخرُ، وكان أيمنُ ميسورَ الحالِ؛ فأبوهُ صائغٌ كبيرٌ، أمّا هيثمٌ فكانَ متوسط الحالِ.
شبَّ الاثنانِ، وتزوجا، وشُغلَ كلٌّ منهما بأسرته وأبنائِهِ وعملهِ، وشاءَ اللهُ أن تنقلبَ الحالُ، فقد أصبحَ هيثمٌ غنياً، وغدا أيمنُ فقيراً بعدما تراجعت تجارته بعد وفاةِ أبيهِ.
فطِنَ أيمنُ إلى صديقهِ هيثم، فقالَ في نفسِهِ: وجدتُها، لن يَحُلَّ مشكلتي غيرُ صديق الصبا. ذهبَ إلى شركتهِ، رآهُ هيثمٌ عبرَ كاميراتِ المراقبةِ، فلم يُقابلهُ، انصرفَ أيمنُ وهو غضبانُ، ولسانُهُ يُردّدُ: الفلوسُ تغيّر النّفوس.
وفي اليومِ التالي، وبينما كان أيمنٌ في محلهِ جاءَهُ رجلٌ، فقالَ لهُ: هذهِ الجوهرةُ كانت أمانةً لأبيكَ عندي، فخذها؛ لأبرىء ذمتي، سُرَّ أيمنُ كثيراً، وقال: إنّها جوهرةٌ ثمينةٌ، وسينعش بيعُها تجارتي من جديد.
وفي هذه الأثناء دخلت امرأةٌ، فرأت الجوهرةُ في يدهِ، ثم قالت له: أتبيعُها؟ أجابها: إنّها غاليةُ الثمن، فقالت: لا عليك، سأشتريها بأيّ ثمن.
بعد انفراجِ أزمتهِ تذكر صاحبهُ هيثماً، وكيفَ خذلهُ وقتَ شدّةِ حاجتهِ إليه، فقال: سأذهبُ إليه معاتباً لا زائراً، وعندما دخل شركتهُ فوجىء برؤيةِ الذي أحضرَ الجوهرةَ يجلسُ في أحد مكاتب الشركةِ، وبالمرأةِ التي اشترتها في مكتبٍ آخر، فأدركَ سِرَّ الجوهرة، وأسرعَ إلى صديقهِ معانقاً مُعتذراً، وقال: سامحني يا صديقي الوفيّ، على سوءِ ظنّي.