نص الاستماع
جارك ثمّ جارك
جارُ الإِنْسانِ أَقْرَبُ النّاسِ إِلَيْهِ بَعْدَ أَهْلِ بَيْتِهِ، يَعْرِفُ مَدْخَلَهُ وَمَخْرَجَهُ، وَيَعْرِفُ كَثيراً مِنْ أَسْرارِهِ، وَلِهذا جاءَتِ الْوَصِيَّةُ بِالْجارِ في الْكُتُبِ السَّماوِيَّةِ، وَعَلى لِسانِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وَلا أَحَدَ لَمْ يَسْمَعْ بِقَوْلِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما زالَ جِبْريلُ يوصيني بِالْجارِ حَتّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ". (متفق عليه)
إِنَّ الْجارَ الطَّيِّبَ نِعْمَةٌ عَظيمَةٌ، لا يُقَدِّرُها إِلّا مَنِ افْتَقَدَها، وَإِنَّ جارَ السّوءِ مِنَ الْمَصائِبِ الْكَبيرَةِ، وَقَدْ قالوا: "ابْحَثْ عَنِ الْجارِ قَبْلَ الدّارِ"، وَهُناكَ أُناسٌ كَثيرونَ باعوا بُيوتَهُمْ بِأَرْخَصِ الأَثْمانِ؛ لِيَتَخَلَّصوا مِنْ جارِ سوءٍ، يُفْسِدُ عَلَيْهِمْ حَياتَهُمْ.
الْجارُ لَهُ حُقوقٌ كَثيرَةٌ عَلى جارِهِ، مِنْها: أَنْ يُعينَهُ إِذا احْتاجَ إِلى الْعَوْنِ، وَأَنْ يُهَنِّئَهُ في أَفْراحِهِ، وَيُعَزِّيَهُ في أَحْزانِهِ، وَأَنْ يَحْفَظَ سِرَّهُ، وَأَلّا يُزْعِجَهُ، وَأَلّا يَسْتَطيلَ عَلَيْهِ بِالْبِناءِ، فَيَحْجُبَ عَنْهُ الرّيحَ، وَأَلّا يَتَسَبَّبَ لَهُ بِأَيِّ أَذى، بِيَدٍ أَوْ لِسانٍ، وَأَلّا يُؤْذِيَهُ بِرائِحَةِ طَعامٍ، حَتّى يُهْدِيَ لَهُ مِنْهُ.