ابتكر علماء الكيمياء في معهد ماساتشوستس للتقنية طريقةً لإنتاج ملايين البروتينات الجديدة بسرعة والكشف عنها لاستخدامها كأدوية ضد الإيبولا والفيروسات الأخرى.
تتكون البروتينات التي تنتجها الخلايا الحية من 20 حمض أميني مبرمج في الشفرة الوراثية. وابتكر فريق بحثي في معهد ماساتشوستس للتقنية طريقة لإنتاج البروتينات من أحماض أمينية غير موجودة في الطبيعة، ويمثل كثير منها نسخةً معكوسة من الأحماض الأمينية الطبيعية.
وسمى الباحثون هذه البروتينات «زينوبروتينز،» وتتفوق على البروتينات الطبيعية بعدة مزايا، منها أنها أكثر ثباتًا، أي لا تحتاج إلى الحفظ في الثلاجة مثل الأدوية البروتينية الأخرى، وقد لا تسبب رد فعل مناعي من الجسم.
وقال براد بنتوليت، أستاذ الكيمياء في معهد ماساتشوستس للتقنية والمؤلف الرئيس للدراسة التي نشرت في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم، «لا توجد وسيلة تقنية أخرى لإنتاج هذه البروتينات، لأن الباحثين السابقين لم يستطيعوا استخدام مجموعة كاملة من الأحماض الأمينية غير الطبيعية لإنتاج جزيئات كاملة من البروتينات.»
وشارك في الدراسة أيضًا زخاري جيتس الأستاذ في معهد ماساتشوستس للتقنية. وتيموثي جيمسون رئيس قسم الكيمياء في معهد ماساتشوستس للتقنية وأعضاء مختبره.
البروتينات غير الطبيعية
أطلق بنتوليت وجيمسون هذا المشروع منذ أربعة أعوام، وعملا مع وكالة الأبحاث الدفاعية المتقدمة «داربا،» التي طلبت منهما ابتكار طريقة لإنتاج جزيئات تشبه البروتينات الطبيعية وصناعتها من أحماض أمينية غير طبيعية.
وقال بنتوليت «كانت مهمتنا ابتكار طريقة لإنتاج كميات ضخمة من الجزيئات غير الموجودة في الطبيعة وتوظيفها في استخدامات محددة.»
واعتمد هذا المشروع على تقنية سابقة طورها مختبر بنتوليت لإنتاج سلاسل البروتينات بسرعة. إذ يستطيع هذا الجهاز تنفيذ جميع التفاعلات الكيميائية اللازمة لتجميع الأحماض الأمينية معًا وإنتاج البروتينات المطلوبة خلال دقائق.
واستخدم الباحثون 16 نسخة معكوسة من الأحماض الأمينية لتكون وحدات بنائية للزينوبروتينز الجديدة. إذ توجد نسختان من الأحماض الأمينية إل ودي. ولكلتاهما التركيب الكيميائي ذاته لكنهما نسختين معكوستين عن بعضهما. وتستخدم الخلايا النسخة إل فقط.
ثم استخدم الباحثون الكيمياء التخليقية كي ينتجوا عشرات الملايين من البروتينات، يتكون كلٌ منها من نحو 30 حمض أميني من النسخة دي. ولها التركيب المطوي ذاته المعتمد على شكل بروتين طبيعي يسمى مثبط التربسين.
وقبل هذه الدراسة، لم تتمكن أي مجموعة بحثية من إنتاج هذا العدد الضخم من البروتينات باستخدام أحماض أمينية غير طبيعية.
وقال جيتس «بذل الباحثون في الماضي جهودًا حثيثة كي يطورا طرائق تدمج الأحماض الأمينية غير الطبيعية معًا لإنتاج بروتينات، ولكن اصطدمت هذه الجهود بعقبة تحديد العدد المناسب للأحماض الأمينية غير الطبيعية في كل جزيء من البروتينات.»
وبعد إنتاج الزينوبروتينز، فحصها الباحثون كي يحددوا البروتينات التي تستطيع الارتباط مع الجسم المضاد آي جي جي الذي ينتجه الجسم ضد البروتين الموجود على سطح فيروس الإنفلونزا. إذ مُيِزَت الأجسام المضادة بجزيء فلورسنتي ثم مُزِجَت مع الزينوبروتينز. واستخدم الباحثون نظامًا يسمى تصنيف الخلايا بالفلورسنت كي يعزلوا الزينوبروتينز التي ارتبطت مع الجسم المضاد آي جي جي المميز بالفلورسنت.
ويمكن إجراء هذا الفحص في عدة ساعات، ويكشف الزينوبروتينز التي ارتبطت مع هدفها. وأظهرت تجارب أخرى أن الباحثين حددوا الزينوبروتينز التي ترتبط مع سم الجمرة الخبيثة ومع البروتين السكري الذي ينتجه فيروس الإيبولا. وشارك في هذه التجارب سبينسر ستونير وكريستوفر كوتيه في معهد الأبحاث الطبية للأمراض الخمجية.
إنتاج البروتينات عند الطلب
يعمل الباحثون حاليًا على إنتاج بروتينات ذات أشكال مختلفة، ويبحثون عن زينوبروتينز ترتبط مع أهداف أخرى محتملة. ويسعون إلى استخدام هذا النظام في صناعة البروتينات وتحديدها بسرعة، لاستخدامها في مواجهة أي نوع من الأخماج الطارئة.
وقال بنتوليت «نأمل أن نكتشف الجزيئات سريعًا باستخدام هذا النظام، ما يمكننا من إنتاجها عند الطلب. ويمكن بعد ذلك نقلها إلى أي مكان دون الحاجة إلى حفظها في ثلاجات.»
وبالإضافة إلى الاستخدامات الدوائية المحتملة، يأمل الباحثون إنتاج زينوزايمز، وهي زينوبروتينز تعمل مثل الإنزيمات وتحفز أنواعًا جديدة من التفاعلات الكيميائية.