شرح قصيدة (المساء)
التعريف بالشاعر
خليل مطران: تنقل بين بيروت وأنقرة وباريس، ثمّ استقرّ في مصر، ولذلك لقّب بشاعر القُطْرين (مصر ولبنان). وهو رائد الرومانسيّة في الشعر العربيّ المعاصر؛ إذ يتميّز شعره بالصدق الوجدانيّ، والأصالة العربيّة، وله ديوان مطبوع يسمى (ديوان الخليل).
مناسبة القصيدة
عاش الشاعر قصة حب فاشلة سنة 1902م مرض على إثرها، فأشار عليه أصدقاؤه بالذهاب إلى الإسكندرية للاستشفاء من مرضه النفسيّ والجسديّ بهواء البحر وسحر الطبيعة، ولكنّه لم يجد ما كان يرجوه؛ فقد تضاعف ألم الفراق لحبيبته التي تركها في القاهرة، وألمّ به المرض، وخرج ذات يوم قبيل الغروب، ووقف بشاطئ البحر حتى حلول المساء، ورأى كيف قضى الليل على حياة النهار، فتخيّل أنّ هذا الحبّ سوف يقضي على حياته كما قضى الليل على النهار، فانفعل بهذا الموقف وكتب هذه القصيدة.
شرح القصيدة
1- داءٌ ألمَّ فخِلْتُ فيهِ شفائي من صَبوتي فتضاعفَتْ بُرَحائي
المفردات:
داء: مرض.
ألمَّ: أصاب.
خلت: ظننْتُ .
صبوتي: أشواقي.
تضاعفت: زادت.
برحائي: شدّة آلامي ومرضي.
الشرح:
أصابني مرض جسدي، فحسبْتُ أنَّ في المرض شفاءً ممّا أحسُّ به من لوعة الحب، ولكن تضاعفت أشواقي.
2- يا لَلضَّعيفين استبدّا بي وما في الظّلم مثلُ تحكُّمِ الضّعفاءِ
المفردات:
الضعيفين: القلب والجسد.
استبدّا: تجبّرا.
الشرح:
يشكو الشّاعر ما أصاب قلبه وجسمه من أمراض، وما تسبّبا به من آلام وأحزان، فهما تجبّران به كما يتجبّر الظالم بالضعفاء.
3- قلبٌ أذابتْهُ الصَّبابةُ والجوى وغِلالةٌ رثَّتْ من الأدواءِ
المفردات:
الصبابة: حرارة الشوق.
الجوى: حرقة في القلب نتيجة العشق.
الغِلالة: الثوب الرقيق، وقصد به الجسم.
الأدواء: مفردها (الدّاء) وهو المرض.
الشرح:
صار قلبِي ضعيفاً من الحبّ والبعد، وجسدي الذي أصابته الأمراض، فأصبحت ضعيفاً حتَّى تعبْتُ من كثرة الأمراض.
الصورة الفنية:
وغِلالة رثّت: شبّه جسمه بالثوب البالي.
4- والرّوح بينهما نسيم تنهُّدٍ في حالَيِ التصويبِ والصُّعَداءِ
المفردات:
التصويب: الشهيق.
الصعداء: الزفير.
الشرح:
إنّ روح الشاعر أصبحت بين قلبه وجسده ضعيفة كالنسيم الخفيف في حالتي الشهيق والزفير..
5- والعقلُ كالمصباح يغشى نورَه كَدَري ويُضعِفُهُ نُضوبُ دمائي
المفردات:
يغشى: يغطّي.
كَدَرِي: حُزني.
نضوب: جفاف.
الشرح:
غطّى الحزن عقلي، فلا أستطيع التفكير الصائب، ودمي الذي يكاد يجفّ زاد عقلي ضعفاً.
الصورة الفنية:
شبّه الشاعر عقله بالمصباح ضعيف الضوء بسبب حزنه وألمه.
6- هذا الذي أبقيتِهِ يا مُنْيَتي من أضلعي وحشاشتي وذكائي
المفردات:
مُنيتي: أُمْنِيتي وأمَلِي.
حشاشتي: بقيّة الروح.
الشرح:
لم يُبقِ حبُّك يا أملي في جسدي شيئاً من قوّة في الجسم والروح والعقل.
7- إنّي أقمْتُ على التَّعلَّةِ بالـمُنَى في غربةٍ قالوا: تكونُ دوائي
المفردات:
أقمت: مكثت.
التعلّة: الانشغال.
المنى: الآمال.
الشرح:
أخذت بمشورة الأصدقاء، وأخذت أعلل نفسي بالأمل في الشفاء من المرض في غربتي.
8- إنْ يشْفِ هذا الجسمَ طيبُ هوائها أيُلَطِّفُ النيرانَ طيبُ هواءِ
المفردات:
يشف: يبرئ.
طيب: حسن وجمال.
يلطّف: يهدئ.
الشرح:
إن كان هواء الإسكندرية الرقيق سيشفيني من مرضي الجسديّ، فأنا أشكّ أنه سوف يخفف نيران الحبّ المشتعلة في قلبي.
9- أو يمسكِ الحوباءَ حسنُ مقامها هل مسكة في البعد للحوباء؟
المفردات:
الحوباء: النفس.
مسكة: راحة.
الشرح:
يقول الشاعر: إن كان هواء الغربة سيشفي الجسم، فلن يشفيَ ذلك الهواءُ النارَ التي في قلبي.
الاستفهام يفيد النفي.
10- عَبَثٌ طوافي في البلادِ وعِلَّةٌ في عِلَّةٍ منفاي لاستشفائي
المفردات:
عبث: لا فائدة منه.
طوافي: تنقلي.
علّة: مرض.
منفاي: غربتي.
الشرح:
البقاء في الغربة للشفاء لا فائدة منه؛ فالغربة أضافت إلى علّة الجسم علّة الحبّ وعذابه.
11- شاكٍ إلى البحرِ اضطرابَ خواطري فيجيبُني برياحِهِ الهـوجاءِ
المفردات:
خواطري: أفكاري.
الهوجاء: الشديدة.
الشرح:
أقف على شاطئ البحر أشكو إليهِ همومي وخواطري الحائرة، فيجيبني بهدير أمواجه وعواصف رياحه الهائجة.
الصورة الفنيّة:
شبّه الشّاعر البحر بشخصٍ يتكلّم مع الشاعر ويردّ على شكواه.
12- ثاوٍ على صخرٍ أصمَّ وليتَ لي قلباً كهذه الصخرة الصَّمَّاءِ
المفردات:
ثاو: مقيم.
صخر أصمّ: صلب.
الشرح:
جلستُ على صخرة متمنيّاً أنْ يكون قلبي قاسياً مثلها، ولا يتأثر بعواطف الحبّ والشوق ولا يشعر بالألم وعذاب الفراق.
13- يا لَلغروبِ وما بهِ من عِبْرةٍ للمُســـتهامِ وعِبْرةٍ للرّائــي
المفردات:
المستهام: المحبّ المشتاق.
عِبْرة: عظة.
الرائي: الناظر المتأمّل.
الشرح:
عجبًا للغروب؛ فهو يوحي بانتهاء النور وبداية الظلام في حياة الشاعر، كما يثير الحزن في نفس العاشق فيبكيه، ويوحي للمتأمّل بمعاني وعظات بالغة.
14- ولقَدْ ذَكَرْتُكِ والنَّهارُ مُوَدِّعٌ والقَلْبُ بينَ مَهابَةٍ ورَجاءِ
المفردات:
ذكرتك: تذكرتك.
مودّع: راحل.
مهابة: خوف.
رجاء: أمل.
الشرح:
لقد ذكرتكِ عند الغروب وقلبي مضطرب خوفاً من فقدك للأبد، وعندي أمل في رؤيتك مجدّداً مع إشراقة النهار الجديد.
15- وكأنّني آنسْتُ يومي زائلاً فرأيْتُ في المـرآةِ كيفَ مسائي
المفردات:
آنستُ: أبصرتُ /أحسسْتُ.
زائلاً: منتهياً.
المرْآة: ما يرى الناظر فيها نفسه.
مسائي: أي نهايتي.
الشرح:
كأنّني أحسسْتُ قرب نهايتي في تلك الصورة الحزينة التي عرضها هذا المساء الكئيب.
الصورة الفنية:
شبّه الشاعر نفسه بمرآة يرى فيها أحاسيسه وأحزانه.
إعداد : أ. سامر آغا
10 / 10 / 2022
النقاشات