الاستماع

رسالةٌ إلى ولدي

   يعزو أكثرُ الناسِ سوء حظهم إلى قسوةِ الدهرِ، وتجهّم الأيامِ في وجوههم، لكنّي أخالفهم في ما ذهبوا إليهِ، إذ لو أنّهم جَدّوا في أعمالهم، لحققوا الغاية، وركزوا الرّاية.

   ولنأخذ الفراشةَ والنملة مثلاً، لنجدَ الفرقَ بينهما واسعاً؛ فالأولى جُهدها مشتتٌ، والثانيةُ جُهدها مركزٌ.

   والأديبُ الأصيلُ عبد اللهِ بنُ المقفعِ نصحنا بقوله:

   "إذا تراكمت عليكَ الأعمالُ، فلا تلتمسِ الرّوحَ في مُدافعتها بالرَّوغانِ منها؛ فإنّهُ لا راحةَ لكَ إلا في إصدارها، وإنَّ الصبرَ عليها يخففها عليكَ، والضّجرَ منها يراكمها عليكَ".

   واسمَع يا خالدُ قصصَ هؤلاءِ المجّدينَ المثابرينَ:

   أبو الفرج الأصفهانيُّ أمضى خمسينَ سنةً في تأليفِ كتابهِ (الأغاني)، وابنُ بطوطةَ نشرَ (تحفة النُّظارِ في غرائبِ الأمصارِ) بعدَ تسعةٍ وعشرينَ عاماً قضاها مكوّفاً في أقطارٍ شتّى، والفيلسوف ابن رشدٍ قضى حياتهُ في القراءةِ والبحثِ والتحقيقِ، ولم يكفَّ عن هذهِ الهوايةِ إلا في ليلتين: ليلةِ زفافهِ، وليلةِ وفاتهِ.

   والمخترعُ الأسكتلنديُّ (جيمس واط) قضى ثلاثينَ عاماً في تطويرِ آلتهِ البخاريّةِ، وأبوكَ كاتبُ هذهِ السطورِ أمضى ثلاثَ سنواتٍ ونصفَ السَّنةِ في تصنيف موسوعته المهجريّةِ (الناطقونَ بالضادِ في أمريكا الجنوبيّةِ).

أسئلة النص:

1- إِلامَ يعْزو أَكثرُ النّاسِ سوءَ حظِّهِمْ؟

إلى قسوة الدهر، وتجهّم الأيام في وجوههم.

2- ما رَأْيُ الكاتبِ في ما ذَهَبوا إِليه؟

يخالفهم في ما ذهبوا إليه، ويرى أن سوء الحظ في الكسل وعدم الجد.

3- هاتِ فرقًا بينَ الفَراشةِ والنَّمْلةِ منْ حيثُ الجُهْدُ.

الفراشة جهدها مشتت. والنملة جهدها مركز.

4- قدَّمَ عبدُ الله ِبْنُ المقفَّعِ حَلًّا لمنْ تراكمَتْ عليهِ الأَعمالُ. اذكُرْهُ.

الصبر عليها حتى إنجازها وعدم الضجر منها.

5- بِمَ استطاعَ كثيرٌ منَ المبدعينَ إِنجازَ مُؤَلَّفاتِهِمْ؟

بالتصميم والمثابرة.

6- مَنْ مُؤلِّفُ كُل ِّكتابٍ ممّا يأْتي:

الأَغاني، تحُفَةُ النُّظّارِ في غرائِبِ الأَمْصارِ؟

• الأَغاني: أبو الفرج الأصفهاني.
• تحُفَةُ النُّظّارِ في غرائِبِ الأَمْصار: ابن بطوطة.

7- ما النَّصيحةُ التي قدَّمَها الكاتبُ لابنِهِ في نهايةِ الرِّسالةِ؟

نصحه بأن يجدّ ويثابر ويتحمّل الصعاب ليحقق الأمجاد.